08‏/06‏/2015

قبر الدوق جينغ تشي وأحصنته الستمئة

/home/wpcom/public_html/wp-content/blogs.dir/bae/61758636/files/2014/12/img_6228.jpg
في عام ألف وتسعمئة وأربعة وستين ميلادي ، تم العثور على إكتشافٍ مُذهل في الصين ، حيث وُجِدت مقبرةً ضمت جُثمان مئاتٍ من الخيول وقد تم ترتيبها بعناية شديدة على شكل صفوفٍ مُتجاورة .
وأشار مثل هذا الدفنِ المُعقد والتضحية الكبيرة بوضوح أن القبرَ ينتمي لشخصية ذات مكانة مرتفعة في المُجتمع . 
وقد عُرِف مُؤخرًا أن القبر يعودُ إلى الدوق جينغ تشي ، وأن رُفات الأحصنة كانت ، للأسف الشديد ، ضحايا مراسيم تكريمٍ له .
ولكي نعرف قصة هذه التضحية الكبيرة وجب علينا العودة إلى مابين تاريخي ٤٩٠-٥٤٧ قبل الميلاد ، حيث كان يحكم الدولة في هذه الفترة الدوق جينغ تشي ، والذي كان إسمه لو شوجيو عند ولادته وإسم عائلته جيانغ ، إلا أن اللقب الذي أُطلق عليه بعد وفاته كان ” الدوق جينغ تشي ” .



وُلِدَ الدوق جينغ تشي من محضية الدوق لينغ تشي ، وكان له أخًا نصف شقيق أكبر سِنًّا منه يُدعى الدوق تشوانغ ، توفى والدهما في عام خمسمئة وأربعة وخمسين قبل الميلاد ، وخلّفه في الحكم الدوق تشوانغ ، وقد أيّد رئيس الوزراء تسوى تشو أن يتقلّد تشوانغ الحُكم للبلاد بعد والده ، إلا أن الدوق تشوانغ لم يكن يستحق هذا التأييد والقبول من قِبل الوزير لأنه أقام علاقة غرامية مع زوجة الوزير تسوى تشو ، ونتيجةً لذلك قام تسوى تشو الدوق في عام خمسمئة وثمانية وأربعون قبل الميلاد ، وبعد وفاة الدوق تشوانغ تولى الحُكم أخيه الأصغر الدوق لينغ تشي . 
/home/wpcom/public_html/wp-content/blogs.dir/bae/61758636/files/2014/12/img_6229.jpg
تولى رئيس الوزراء تسوى تشو والنبيل تشينغ فنغ السيطرة على الدولة بالإشتراك مع الوزراء الآخرين ، لكن بعد الكثير من الإضطرابات التي حصلت في الدولة نتيجة لإضطراب العلاقات بين تسوى تشو و تشينغ فنغ ، عُيِّنَ الدوق جينغ يان يينغ رئيسًا للوزراء وبالتالي بدأت فترة من السلام والإزدهار لدولة تشي . 
تزوّج الدوق جينغ يان من الأميرة يان جي من دولة يان ، وأصبح أبنهما وليًّ عهد تشي ، إلا أنه توفى في عهد الدوق جينغ ، وعلى الرغم من أن الدوق جينغ كان لديه مالا يقل عن خمسة أبناء كِبار – وربما أكثر من ذلك – إلا أنه اختار ابنه الأصفر ، الأمير تو ليكون وليّ العهد الجديد .
وُلِد الأمير تو لأُمًّ من الوضع المتدني ومع ذلك عُيّن وليّا للعهد مع صغر سنه ، ولضمان دعمه أمر الدوق جينغ جميع وزراء ورؤساء العشائر الأكثر قوة أن يدعموا الأمير تو . 
ثم قام بنفي أبناءه الآخرين إلى مدينة نائية تُسمى لاى ….. بعد ذلك بوقت قصير ، مات الدوق جينغ في عام أربعمئة وتسعون قبل الميلاد . وعلى الرغم من تثبيت الأمير تو على العرش ، إلا أن عدّة عشائر نضّموا إنقلابًا ضده ، فأخبروا ابن الدوق جينغ الأمير يانغ شينغ أن يعود وإن رغِبَ بالجلوس على عرش الحكم عليه فعليه قتل الأمير الصغير تو ، فحدث ما كان يرغبون به ، وتم بعد ذلك تغيير إسم الدوق بعد قتله لأخيه ، فأصبح يُعرف بإسم دوق داو تشي . 
/home/wpcom/public_html/wp-content/blogs.dir/bae/61758636/files/2014/12/img_6230.jpg
دُفِن الدوق جينغ تشي في مقبرة ياتوي لينزي بمقاطعة شاندونغ . 
وعلى جهة الشمال من القبر إكتشف عُلماء الآثار جُثمان مايُقارب من مئة وخمسة وأربعين حِصانًا في حفرةٍ بلغ عُمقها المئتين وخمسة عشر مترًا ، تُحيط بالقبرِ من ثلاثة جوانب .
بعد عدة سنوات ، تم العثور على هياكل عضمية أخرى لمئة وستة من رفات الأحصنة في نفس المقبرة ، فرُفِع العدد الإجمالي إلى مئتين وواحدٍ وخمسون هيكلا عضميًّا . 
/home/wpcom/public_html/wp-content/blogs.dir/bae/61758636/files/2014/12/img_6228-0.jpg
يُعْتَقَدْ أن الخيول كانت في مرحلة الشباب أي مابين خمسة إلى سبعة سنواتٍ من العمر حين تم التضحية بها ، كذلك يُعتقَدْ أنه قد تم إعطاءها الكثير من الكحول حتى أصبحت فاقدةً للوعي ، ثم تم ضربها بعد ذلك على الرأس لتُلاقي حتفها . 
وفي حين أن المنطقة بمجملها لم يتم حفرها بالكامل بعد ، إلا أن العلماء يعتقدون أنه سيكون هناك ما يُقارب الـ ستمئة حصانًا تم دفنهم على شرفِ الدوق جينغ فذلك ما تشير إليه أعمال التنقيب ، وقد تم دفنهم جنبًا إلى جنب مع ثلاثين كلبًا واثنين من الخنازير وستة حيوانات مستأنسة أخرى . 
و في حين أنه تم اكتشاف بقايا أحصنة أخرى في الصين تم التضحية بهم مُسبقًا ، إلا أن هذا العدد من الأضاحي يُعد الأكبر عددًا حتى الآن . 
/home/wpcom/public_html/wp-content/blogs.dir/bae/61758636/files/2014/12/img_6231.jpg
أصبح موقع قبر الدوق جينغ من ضمن الآثار التي يضمها المتحف ويُشكِّل رمزًا تاريخيًا وثقافيًا وطنيًا . ويُعتبر موضوع القبر ( قيد النظر ) ليصبح من مواقع التراث العالمي لليونسكو . فبقايا الأحصنة إكتشافٌ لا يُصدّق ، لأنه من الصعب أن نتخيل تعقيدات تضحية مثل هذا العدد الكبير . ووفقًا للسجلات التاريخية كان الدوق جينغ مفتونًا بالخيول مما يدل على أن هذه التضحية قُدّمت كبادرة طيبة على شرف الملك المخلوع . 
ترجمة وتنسيق كوين أوف بوكس/دلال المطيري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق