هل الأنوناكي حقيقيون؟ هل هم كائنات فضائية ؟ أم هم جزء من صورة أكبر من ذلك ؟
الأنوناكي شخصيات رئيسية في نموذج شقّ طريقه إلى الفلكلور الشعبي ، عبر عمل الراحل زكريا سيتشين وهو خبير إقتصادي ومؤلف العديد من الكتب الأكثر مبيعًا في العالم بما في ذلك كتاب( Genesis Revisited ) والذي يستعرض فيه الأساطير القديمة والأحجار الغامضة التي وُجِدت حول العالم . كتبه المختلفة هذه تسعى لإثبات أنه كان هناك في العصور القديمة سباقٌ يجري خارج الأرض تسعى فيه مخلوقات فضائية بالتلاعب بالجينات الوراثية للإنسان لأسباب مختلفة . أُطروحة سيتشين هذه قد تم تبنيها الآن من قِبل الكثير من الكُتّاب الآخرين والتي تحولت على ما يبدو إلى وجهة نظر عالمية جديدة . تؤكد أساسًا أن هذه الآلهة السومرية-البابلية القديمة ( الأنوناكي ) هم غرباء من كوكب نيبيرو ( على حسب كتاب Sitchin's "12th Planet") والذي يمر على كوكب الأرض كل ٣٥٠٠ عام أو نحو ذلك ، وقد تسببوا بخلق الكثير من المتاعب على الأرض.
وبالرغم من أن فكرة الآلهة القديمة هم عبارة عن غُرباء من خارج الأرض وكأننا بذلك نقرأ أحد الروايات الشهيرة التي تجعل من الآلهة " أُناس حقيقيون " أو " من لحم ودم " ، ذلك في الحقيقة ليس شيئًا جديدًا على الإطلاق ، ويرجع تاريخ ذلك إلى ما قبل زمن المؤرخ اليوناني هيرودوت والتي وضعها الفيلسوف اليوناني يوهيموروس أو إيڤيماريس أي قبل ٣٠٠ عام قبل الميلاد ، ويسمى هذا الإتجاه في الواقع باليوهيمرية أو إيڤيماريسم ، والتي تدّعي أن العديد من الآلهة المذكورة في الثقافات المختلفة ( ليسوا أسطوريين ) إنما هم في الواقع ملوك وملكات ومحاربين أبطال تحولت سيرتهم إلى أساطير مع إضافة تفاصيل خارقة لسيرهم الذاتية .
أطروحة الأنوناكي الحالية هي النسخة الحديثة من الإيڤيماريسم والتي تسعى لتفسير المعجزات ( بإضافة ) ليس فقط الحكايات الرائعة والمثيرة بل بتحويل قصصهم على أنهم مخلوقات تمتلك سمات حقيقية ووجود حقيقي ككائنات فضائية متقدّمة.
لسوء حظ أولئك الذين يرغبون في رؤية أدلة ملموسة على وجود حقيقي لهكذا حضارة غزت الأرض في الماضي البعيد ، الأنوناكي ليسوا بداية بحثٍ جيّدٍ لذلك ، حيث أن الطبيعة الحقيقية لمختلف هذه الآلهة والآلهات كانت معروفة منذ فترة طويلة قبل عصر التحريف المعاصر .
نظرية رواد الفضاء القُدامى :
الباحث الدؤوب تشارلز فورت كان معروفًا على نطاق واسع فيما يسمى الآن-Forteana-وهو نموذج أو طريقة لإضافة لمسات تحتوي على الغرابة والغموض فيما يخص مسائل واقعية سواء كانت هذه المسائل دينية أو علمية في محاولة منه لتفسير الحالات الشاذة والتي تشتمل على الأساطير أو القصص الغريبة كوجود الآثار المذهله والهائلة في جميع أنحاء العالم والتي جعلت عددًا من الناس كالكاتب السويسري كإيريك فون دانكن وزكريا سيتشين يختلقون ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) والتي تفترض أن هٰؤلاء الزوار القادمون من الفضاء قد أثّروا في حياة البشر لآلاف السنين إن لم يكن بالملايين إلى حد الوصول إلى التلاعب بهم جينيًا !. فون دانكين كان واحدًا من الحديثين الذين طرحوا نظرية رواد الفضاء القدامى ، وقد قوبلت ملاحظاته بالذم والسخرية على نطاقٍ واسع .
وبسبب التدريب ( المدرسي ) الواضح الذي تلقاه من سيتشين ، أصبح مرجعًا يُرمز له بالمصداقيه بالنسبة للكثيرين ، على الرّغم من أنه أحد الغير محترفين في مجاله! وعلاوة على ذلك فإن هذين الرجلين لم يكتشفا نظرية رواد الفضاء القدامى ، أي أنهما لم يأتيا بشيئ جديد ، فقد أخرج و طوّر المجتمع الألماني هذه الفكرة مسبقًا منذ القرن التاسع عشر ميلادي .
أنصار سيتشن يدّعون أن سيتشين واحدًا من القلائل الذين بإستطاعتهم قراءة اللغة السومرية وبذلك فهو قادرٌ على تفسير الألواح السومرية بشكل صحيح ، أولا مسألة أنه واحدًا من القلائل الذين يستطيعون قراءة اللغة السومرية غير صحيح ، وعلاوة على ذلك ، فإن فكرة أن شخصًا ما قادرًا على قراءة اللغة السومرية ومن ثم تفسير البيانات بشكل صحيح حجة واهية ، فهو لا يضمن أنه سيوافق آخرون في تفسير نفس اللغة ونفس الألواح !، فقبل سنوات من سيتشين الباحث في مخطوطات البحر الميت والكتاب المقدّس جون اليجرو قد درس اللغة السومرية بشكل وثيق وخرج بإستنتاجات مختلفة تمامًا ، والمضحك أن تفسيره لها كان يتضمن العديد من الكلمات التي تدور حول الجنس والمخدرات! وبالتالي فإنه ليس "مجرد " القدرة على قراءة اللغة السومرية يستدعي القدرة على إستنتاج الترجمة الدقيقة لها .
في الواقع ليس هناك سببًا يدعو لإعادة الآلهة القديمة بصورة غُرباء من خارج الأرض ، لأن القدماء أنفسهم كانوا واضحين تمامًا في وصف ما كانوا يعبدونه ويصفونه في الشعر الملحمي ، فليس هناك سببًا للتكهنات ، على سبيل المثال : قال السومريون والبابليون أنفسهم أن الآلهة كانت الكواكب! وليس البشر ، وأن قصصهم الأسطورية كانت تمثل تجسيدًا لهذه الهيئات.
ربما الأساطير ببساطة ليست مثيرة مثل نموذج اليوفو ، حيث رواد الفضاء القدامى يتم عبادتهم وتقديسهم في كل مكان حول العالم لقدراتهم الإستثنائية ، وربما يكون السبب في الرغبة برؤية هكذا مخلوقات فريدة يعود لتعرّض الشخص في شبابه للكثير من الكتب المصوّرة وأفلام الخيال العلمي كبرنامج " acient aliens " الذي يعرض على اليوتيوب .
لم يكن القدماء أغبياء وقليلين الحيلة والتطور كما يتم تصويرهم ، بل في الواقع كان القدماء متقدمين للغاية فقد كان بحوزتهم منذ آلاف السنين نظامًا معقّدًا يصف الفلك وحركات الأجرام السماوية ، وقد وجد ما يثبت ذلك في كل أنحاء العالم بشكل موّحد ومذهل . كانت آثارهم تصف الحياة والطبيعة التي كانوا يعيشونها وتوصّلوا إليها فنجدهم مثلا يذكرون معلومات هامة في الحياة مثل حركة الكواكب والترابط بين الشمس والقمر ، دون ذلك لم يكن البشر بحاجة لأسطورة أو تدخّل أجنبي أو فضائي فمن خلال آثارهم نجد أنهم كانوا قادرين على إرتياد البحار والزراعة والحصاد ورسم الخرائط والصناعات المعقّدة والمتطوّرة وقد ربطوا ذلك في أساطيرهم ، وآثارهم تلك التي وصلت إلينا لا يجب أن تُفسّر بعكس ما أرادته هذه الشعوب المبدعة وأن تطورهم هذا يحتاج إلى ظهور مخلوقات فضائية أو عصرًا حديثًا كعصرنا!
على سبيل المثال ، لقد لعبت الأنوناكي دورًا في الميثولوجيا القديمة لكنه لم يكن يمثل " شعبًا " أو بشرًا أو غير ذلك ، بل كان يمثل عمومًا السبع " طبقات السفلى " أو الأوصياء على " البوابات السبعة " التي كانت تمر بها " شمس الإله " إلى العالم السفلي أو التي تعبر الظلام ، وكذلك كان يطلق ذلك على " الروح الحارسة للأرض " ، ومن خلال هذه الأوصاف أو الرموز سنواجه فورًا المشكلة التي تكشف عن أن ما طرحه ستيشن ليس ما قاله وقدّمه لنا القدماء أنفسهم! ومثل الكثيرين قبله أراد سيتشين جعل الرمز في هذا " أسطورةٌ سماوية " وحوّل الشمس هنا إلى " شخص " ، بل في واقع الأمر أنه حوّل ذلك إلى عدّة كائنات فضائية!
هذه الآلهة المختلفة قد وُجِدت في جميع أنحاء العالم ، مثل أبولو وأوزوريس و حورس ، كريشنا ، هرقل وقوتزلكتل ، ولم يكن هؤلاء مخلوقات فضائية أو شعبًا لكنهم كانوا أبطالاً يمثلون تجسيدًا للشمس أو ما يشابهها من مظاهر وذلك كما جاء على لسان الشعوب التي خلقتهم . لم يكن القدماء أغبياء ليخلطوا ما بين الكواكب والبشر! على الرغم من أنهم جسّدوا الكواكب بصورة بشرية .
خلافًا للإعتقاد الشائع ، فقد عُرِفت الحضارة السومرية منذ قرون ، ولم تظهر فجأة من العدم ! من خلال إكتشاف الألواح المسمارية التي عُثر عليها في أور ! عاصمة بلاد سومر، على سبيل المثال : إن كان ما نعرفه بالفعل عن سومر من خلال اكتشافنا لأقراص أو غير ذلك لما توارثته الحضارة السومرية من الأكاديين والبابليين والآشوريين يدعنا نصرّح وبكل مصداقية بأن السومرية ليست حضارة مندثرة أو مفقودة حتى وإن كان ما وجد حتى الآن ويعود عمره إلى زمن عتيق جدًا وأغلبه في أور عاصمة سومر إلا ان كل ذلك لم يتم إكتشافه إلا في منتصف القرن التاسع عشر ، وذلك يعني أن السومرية ليست حضارة ظهرت فجأة وبدون مقدمات ! فعلى سبيل المثال : تم العثور على ما يقارب ثلاثمئة قطعة أثرية تعود للبابليين حتى الآن والتي تشتمل على الكثير من التعليقات على آلهتهم ، هذه الآثار كانت نتيجة حضارة متقدمة بالأصل ولم تظهر فجأة.
الشخصيات الرئيسية في الدين والأساطير في الحضارة السومرية والبابلية هي إنليل/إيليل ، أوتو/شمش أو شاماش ، مردوخ/ ميروداخ ، جلجامش ، نانا/ سن ، إنانا/ عشتار ، إيا / إنكي ودوموزي / تموز ، وهناك عددٌ من هذه الآلهة في فئة تُسمى " الأنوناكي " أو " الإغيغي " ويتم إضافة أرقام إليهم كرقم سبعة أو خمسين أو تسعمئة .
ليس أيًا من هذه الشخصيات ؛ شخصية تاريخية ، كما ننبه مرة أخرى أن الحضارة السومرية/البابلية قد حددّوا آلهتهم بالشكل الصحيح وبأنها " الكواكب " والتي بطبيعة الحال إشتملت على الشمس والقمر عند القدماء .
ذكرت الموسوعة الكاثوليكية بشأن بابل : البرج ذو الطوابق السبعة والذي يعود للنمرود يحوي على سبعة منصات مربعة الزوايا والتي تم تلوينها بسبعة ألوان الأسود والأبيض ، والأصفر والأزرق ، والقرمزي والفضي والذهبي وهو بذلك تم ترتيبه بنفس ترتيب الآلهة المقدسة لديهم ، آدار ( زُحل ) ، عشتار ( كوكب الزهرة ) ، مردوخ ( كوكب المشتري ) ، نيبو ( عطارد ) ، نركال ( المريخ ) ، سين ( القمر ) ، شمش ( الشمس ) .
إنليل/إيليل/بيل:
"ملك الأنوناكي" ، هو إنليل إله العواصف والرياح ، وهو نفس ما أصبح الإله بيل أو بعل يرمز له فيما بعد لكنه في الأساس كان يعتبر إله الشمس ( بعل ) . إنليل ونينليل أنجبوا إله القمر ( نانا ) وهو أكبر نجم عبده السومريون ، والذي كان يُطلق عليه البابليون إسم ( سين ) ، ومن الواضح جدًا أن لا الوالدين ولا إبنهما كانا أشخاصًا حقيقيين أو مخلوقات فضائية !
وفيما يتعلّق بإنليل / بيل ، تقول الموسوعة البريطانية :
بيل الإله السومري / الأكادي ، هو إله بلاد ما بين النهرين ويرمز للغلاف الجوي ، وهو أحد ثالوث الآلهة التي تم ترشيحهم من قِبل الإله (آنو) والإله (إيا- إنكي) -أحد الآلهة السومرية- . إنليل تعني إله الرياح ( سواء كانت الرياح الخفيفة الربيعية أو الرياح القوية وكان يتم تصويره على أنه رجل ينفخ الهواء من فمه أي رمزًا لتصريف الرياح منه بكلمة أو أمر ) وقد سُمي أحايين أخرى برب الهواء .
وبالرغم من أن ( آن-آنو) هو أعلى مستوى في مجموع الآلهة السومرية ، إلا أن إنليل كان له دورًا أكثر أهمية ، فقد كان يمثل الطاقة والقوة ( وليس السلطة ) ، ومركز عبادة إنليل هو نيبور ، وقد لُقِّب كذلك بإله الزراعة ( ففي إسطورة الخلق يتم وصفه بالمجرفة وكيف أنه يفصل السماء عن الأرض ليفسح مجالاً للبذور كي تنموا ، ومن هذه الأسطورة إنبثقت إسطورة أخرى تتعلّق بإغتصاب إنليل لنيليل آلهة الحبوب فتم نفيه إلى العالم السفلي . وتعكس هذه الإسطورة الدورة الزراعية في عمليات الإخصاب ونضج المحاصيل .
الإله بيل مشتق من الإسم بعل ، وهو يتّسم بكافة سمات إنليل ، فقد تشاركا نفس المكانة ونفس العبادة ، إلا أن بيل كان يرمز لأفكار الإله من حيث ( المصير - القدر- الأوامر ) نجد أن الكتابات اليونانية تشير إلى أن الإله بيل يعود إلى الآلهة البابلية وليس إلى الآلهية السورية التي تحمل نفس الإسم ( بيل/بعل ) . على الرغم من وجود العديد من البعاليم ( جمع بعل ) إلا أن لفظة ( بعل ) جاءت على مايبدوا لتمثيل الشمس في عصر الثور أي مابين ٢٤٠٠-٤٥٠٠ قبل الميلاد .
سين / شمش :
إله القمر سين هو والدُ شمش إله الشمس البابلي والذي كان يُعبد من قِبل الإسرائيليين ، وفي الواقع أن الشمس في العِبرية تُلفظ "شمش" ، إله الشمس " شمش " كان يُعتبر القاضي الرفيع الشأن للأنوناكي " .
إينكي/إيا :
"قائد الأنوناكي" وإبن إينكي/إيا ، إله " المياه " يُدعى مردوخ أو مردخاي الذي تم ذكره في كتاب ايستر ( عشتار ) ويسمى أيضًا " ملك الإغيغي " ، وهو من مراتب الآلهة البابلية العُليا ويُمثله كوكب المشتري ، وقد تم إدراج جوانب لإله الشمس له ( بيل-ميردوخ ) في الفترات المتأخرة بعبادته . ومن بين الخمسين إسمًا لمردوخ نجد إسم " نيبيرو " أو " نيبرو " والذي ذكره روبرت تمبل عندما تحدث عن الإله المصري " نب-هيرو" أي " رب الشمس " .
الإله حورس أو " هيرو " يتّصف إلى حد كبير بمواصفات إله الشمس كذلك ولذلك نجد أنه يوصف بالصقور مع أجنحة ممدودة والجرم السماوي الشمسي فوق رأسه ، إذا " نيبيرو " الذي كان يُقال انه الكوكب الثاني عشر ، كان يمثل قرص الشمس ومآثرها ، وذلك نجده في قصة الخلق البابلية "إينوما إيليش " ، ووفقًا لإجماع علماء الفلك - سواء الهواة أو المحترفين " ليس هناك دليلاً على هذا الكوكب الثاني عشر " نيبيرو " كما يعرضه علينا سيتيشن وبعبارة أخرى ، الكوكب X ، أو كوكب نيبيرو ليس له وجود وهذه الحقيقة تعتبر " حقيقة فلكية " .
في ملحمة جلجامش نجد أنه تم ذكر الأنوناكي على أنهم السبعة طبقات السفلى للأرض ، وعندما ندرس ما قاله القدماء عنها نكتشف أن الأنوناكي وآخرون هم جزء من هذه " الأسطورة السماوية " وليسوا مخلوقات فضائية ، فكما يتم تصوير الأنوناكي على أنهم يمثلون السبعة مجالات السفلى للأرض أو صورًا " لسبعة كواكب " وهذه الكواكب تمثل " القضاة السبعة " التي تم ذكرهم في الأساطير الصربية على سبيل المثال تم تحديدهم هنا ( بكتاب موسوعة الأساطير ص٢٨٤ ) بوضوح على أنهم كواكب ،فوفقًا للأسطورة الصربية في الكتاب السابق الذكر نجد هذه العبارة :( كان الشمس ملكًا شابًا وجميلاً يعيش في مملكة النور ، ويجلس على عرشٍ من الذهب الإرجواني ، وتقف بجانبه عذراوتين جميلتين ، أرورا الصباح وأورورا المساء ، والسبعة القضاة ( اي الكواكب ) ، والسبع رُسل الذين يطوفون حول الكون في ذيول ( مذنبات ) النجوم ، وعمه الأصلع كان حاضرًا أيضًا ( يقصد بذلك الشمس أو القمر ) .
وكما نرى أن حقيقة هذه المسألة هي أكثر وضوحًا من القول بأن هناك مخلوقات فضائية هاجمت البشر في كهوفهم وأثارت رعبهم ! هذه المعلومات هو ما قدمه لنا القدماء أنفسهم لنا وكتبوها لنا بأنفسهم ، فهُم لم يكتبوا " كان هناك مخلوقات فضائية تسمى بالأنوناكي وهبطوا على الأرض وتزاوجوا مع البشر .. الخ " بل بالواقع أن كلمة " الأنوناكي " هو مصطلح " عام " للآلهة وخاصةً الآلهة الثانوية والتي ذكرنا أنها " آلهة السماء والأرض " وليس " أولئك الذين جاؤوا من السماء إلى الأرض " ، إن ( إن أو أنو ) تعني السماء و يمثل إله السماء في حين أن " كي " تعني الأرض وهو إسم إله الأرض .
الخُلاصة :
لسنا بحاجة لتفاسير خاصة بالخيال العلمي أو إضافة تكهنات شخصية إلى قصص القدماء ، فمن الواضح أن القدماء الذين سجّلوا هذه الأساطير كانوا أكثر ذكاءًا مما يقدمه لنا النقّاد والباحثين الحديثين ، فالقدماء كانوا يعرفون الفرق بين الكواكب وبين بشرًا أو مخلوقات غريبة ( الغرباء ) ذكائهم هذا كان واضحًا وجليًا لنا من خلال الهندسة المعمارية التي كانوا يتمتعون بها وكذلك نجد هذا الذكاء ظاهرًا في الفن والكتابات والتقاليد لمختلف هذه الثقافات بما في ذلك السومرية/بابل ، الهند ، مصر ، الكلدانيين ، الفينيقيين ، كنعان ، وما إلى غير ذلك يظهر لنا حضارات متقدمة جدًا تجاوزت تلك التي تلت ذلك ، لقد كان للقدماء معرفة كونية اتضحت لنا من خلال الاساطير السماوية والطقوس التي كانوا يمارسونها وقد كان ذلك ليس خاصًا بمكان محدد واحد فقط بل كانت هذه الثقافة في جميع أنحاء العالم ، مما يعكس وجود ثقافة عالمية وُجدت في العصور القديمة ، تم اكتشاف هذا الكم من المعارف في الأحجار والأنقاض الغامضة وفي القصص أو الأساطير في جميع أنحاء العالم ، وإحالة هذا المجد والتّطور إلى " عصابة " من المخلوقات الفضائية أو البشرية خارج كوكب الأرض لهو خطأٌ خطير لأنه يسرق القدماء ذكائهم وحكمتهم التي كانوا عليها ، إن الأساطير ليست مجرد هلوسة أو أوهام إنها أسلوب قصصي يهدف إلى تمرير معلومات حيوية من جيلٍ إلى جيل ، فمن السهل أن نتذكّر مآثر وفوائد الشمس والقمر والنجوم إن أتت بطريقة قصة ممتعة مما لو عُرضت لنا بطريقة أطروحة جافة ، لكن المعرفة تضيع عندما يبدأ البشر بالإعتقاد أن هذه الكيانات هي أناس حقيقيون !. كوين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق