06‏/06‏/2015

إيقاظ الموتى .... نوعًا ما !!




على الرغم من أن أغلبية البشر تتقبل فكرة ( بقاء الموتى أمواتًا )! حتى ولو كان الشوق والحنين إليهم يطلبُ نظرة أخيرة في أعماقهم إلى أحبائهم ، إلا أن ليست كل العقول تتقبل وتقتنع بهذه الفكرة!! وكمثال على ذلك .. ” جيوفاني آلديني “
فبالرغم من إعتزال الكثيرين عنه وابتعادهم بسبب

غرابة تصرفاته الواضحة ! لدرجة تشبيهه بأستاذ يتملكه نوعٌ من الجنون ! ، إلا أن الواقع لم يكن كذلك إطلاقًا!

وُلد ” آلديني ” في عام ١٧٦٢م ، وفي سن السادسة والثلاثين حصل على منصب أستاذ للفيزياء في جامعة بولونيا في شمال إيطاليا ، وعلى الرغم من أن تركيز معظم عمله على قضايا تخص طبيعة الأرض كثيًرا ، إلا أن هناك جانبٌ مُظلمٌ ومثير جدًا للجدل في حياته ! 




من المهم أن نعرف أولاً أن ” آلديني ” كان إبن أحد إخوة ” لويجي جالفاني ” وهو أيضًا من خريجي جامعة بولونيا ، وجالفاني – والذي أستخدم مُصطلح ” الجلفانية ” (١) نسبةً إلى إسمه – كان شخصًا يمضي الكثير من الوقت في القيام بتجاربٍ على الضفادع الميتة . 
لقد أدرك ” جالفاني ” أنه بالإمكان ( إعادة الحياة ) إن صحّ تسمية ذلك ، للمخلوقات الميته عن طريق توجيه تيار كهربائي للحبل الشوكي في الضفادع ، وأن هذه العملية في مقدورها جعل المخلوقات تتحرّك كما لو كانت على قيد الحياة أو أنه قد تم جلبها من العالم الآخر بنجاح! 
ولم يكن ” آلديني ” متأثّرًا بشدة بعمل عمه ” لويجي ” بل كان ( مهووسًا ) به ، لدرجة أنه أخذ الأمور إلى خطوة أخرى أبعد من ذلك بكثير ! ، ففي الواقع ، بإمكاننا القول بأنه إتخذ الخطوة الأكثر إثارةً للجدل من كُلاً منهم ! ، والتي لا يُمكن أبدًا أن يتوصل إليها أحد! 
فأن نقول أن ” آلديني ” إستطاع أن يجعل جثث الأموات تدبُّ ( حرفيًّا ) بالحياة ، غير صحيح ، لكنه كان على الطريق الصحيح في هدفه وهو محاوله ” إنعاش ” هذه الجثث ، وقد فعل ذلك بطريقة أكثر إحترافية وجنونًا جعلته في نفس طريق مسارِ عمِّهِ ” لويجي جالفاني ” . 
فتجاربه المُروِّعة لم تقتصر على إستخدام ” الضفادع ” فقط بل ، تعدّت ذلك بكثير ! فلم يعد يقبلُ بأقل من ” أجساد البشر الموتى ” كنماذج لتجاربه تلك !


وعلى عكس أديسون (٢) كانت تجارب ” آلديني ” على جُثث بشرية ( ميتة مُسبقًا ) بسبب الأمراض ( كالسُّعال الحاد ، او مرض نقص المناعة وغيره من الأمراض التي تفتك بالبشرية في ذلك الزمن ) 
وعملُ ” آلديني ” في مجالات الجلفانية كان له تأثير السّحر على الجمهورِ ووسائل الإعلام – حتى أن البعضُ ينظُرُ إليها كنظرة شيطانية طغت على الطبيعة البشرية – فقد سافَر بطول أوروبا وعرضها لإظهار كيف أنّ الموتى ممكن أن يكونوا بشكلٍ أو بآخر لا يبدون ( كموتى ) تمامًا بصورة غريبة ومثيرة للقلق ، بعد كل شيء !!! 
وكما هو الحال مع عمه ” لويجي ” كان عملُ ” آلديني ” يعتمدُ بشكلٍ كُلّي على الإستخدام الدقيق للتيارات الكهربائية ، وبالتأكيد كانت أكثرُ تجارب ” آلديني ” تميُّزًا وإثارةً لخوفُ الجميع في عام ١٨٠٣ م ، في الكُلّية الملكية للجراحين بـ لندن- إنجلترا . 
فقد قام ” آلديني ” بتجربة إختبارية على ” رجُل ” يُدعى بـ  ” جورج فورستر “كان قد حُكِم عليه بالشنق في ١٨ يناير من عام ١٨٠٣ بعد إدانته بقتل وإغراق كُلّا من زوجته وأصغر أبنائه . 
فاستغل ” آلديني ” هذه الفرصة الذهبية في تأمين جثة لتجاربه ، فلم يُضيّع أي وقتٍ في إستخدام جثة ” فورستر ” الطازجة لتجاربه الغريبة ، وكانت النتيجة غريبة ومُدهشة ! ، فبعد وفاةُ ” فورستر ” بساعاتٍ فقط ، ظهرت عليه بدايات علامات الحركة!! مما جعل الجمهور الذي حظر هذه التجربة يتملكه الدهشه والذهول وكأنهم قد تعرضوا لحالةٍ من التنويم الجماعي! 
قام ” آلديني ” بهذه التجربة بتثبيت قضيبين من الحديد ببطارية كبيرة الحجم ، يخرج منها سلكان في نهايتها تم توصيلهما إلى الأُذن اليُمنى لـ ” فورستر ” والأخرى في فمه . ومن ثُمّ انتقلت موجة عارمة من الكهرباء إلى جسم ” فورستر ” بكل قوّة ، فحدث ما لا يُصدّق !! : 
فقد فُتِحتْ عينُ ” فورستر ” اليُسرى على مصرعيها ، وظهر بأنه يُحدّق بعنفٍ وحقد على الحشود التي أصابتها الصدمة مما حدث ! ، وبدأ فكّه بالتحرك وإصدار صوتٍ غاضبٍ من حلقه وكأنه على وشك أن ينطق بشيءٍ مُروّع ! لمن حوله . فإن لم يكن ذلك كافيًا لإثارة الرُّعبِ في كُل الحاضرين فقد زاد ما حدث بعدها الرعب حيث أن أحد الأقطاب الكهربائية المُثبته على ذراعه اليُمنى جعلته قادرًا على رفع قبضة يده المشدودة عالياً ! 
كانت هناك صيحاتٌ مسموعة في الجمهور المتواجد خلال التجربة ، حتى أن البعض منهم قد أُغمِي عليه على الفور بعد رؤية ذلك . 
لم يكن ” آلديني ” رجُل ( إستعراض ) في احدى الكرنفالات ، ومع ذلك فإنه لا يُمكن إنكار أن تجربته هذه جعلت الجمهور ( ينخدع ) في التفكير بأنه يستطيع ( إيقاظ ) الموتى حرفيًا . وبالتأكيد ، قد حرص في قوله على الإشارة أن قوة الكهرباء هي السبب في عودة الموتى إلى الحياة . 
ومع ذلك ، لانستغرب أنه بعد سنواتٍ لاحقة ، من ذلك ، كان ” آلديني ” معروفًا بـ ” دكتور فرانكشتاين الحقيقي ” مع أنه في الواقع ليس كذلك إطلاقًا . 
توفى ” آلديني ” في عام ١٨٣٤ م بعمرٍ يناهز الثانية والسبعون ، واستمرت سُمعته كـ ” مُنشّط الموتى ” لقرنينِ من الزمان بعد وفاته ( وفي حال كُنتم تتساؤلون ، إنه لم يعُد من الموت )…… 
الهوامش : 
(١)- الخلية الجلفانية وتسمى كذلك الخلية الفولتية هي بطارية اخترعها العالم الإيطالي الأستاذ لويجي جلفاني (تُلفظ لُوِيجي گَالڤَانِي) أستاذ الطب في جامعة بولونيا واكتشفها مصادفة سنة 1786 أثناء تجاربه حول فعل الكهرباء على عضلات الضفادع حيث لاحظ ارتعاش الضفدع في إحدى تجاربه عندما لمس طرفاه معدنين مختلفين في دائرة كهربائية مكتملة، وظن عندها ان مصدر الكهرباء يرجع إلى كهرباء حيوانية إلى أن جاء أستاذ الفيزياء أليساندرو فولتا الذي عزى ظهور الكهرباء إلى أن المعدنين مختلفين، واستطاع فولتا فيما بعد أن يصنع بطارية من هذا النوع وسميت هذه الخلايا باسم أول من اكتشف تلك الظاهرة وهو جلفاني.
(٢)- من المعروف أن السيد أديسون أول من إخترع الكهرباء أو ما يعرف ب Direct Current. في تلك الفترة كان تلميذ توماس السيد تسلا يعمل عند توماس. وفي يوم من الأيام قدم تسلا لتوماس فكرته ألا وهي Alternative current أو ما يعرف ب AC ولكن توماس تجاهل اختراعه فغضب تسلا و قدمت استقالته. و بحث عن ممول لإختراعه. وهنا بدأت قصة المنافسه بين الاثنين. وعندما نجح تسلا وبدأ في سحب البساط من تحت أقدام توماس. بدأ توماس بالبحث عن طرق غير شرعية لإقناع الجمهور بأن اختراع تسلا للتيار الكهربائي غير آمن فقام بإعدام الحيوانات علناً بواسطة الصعق الكهربائي كل لذلك كجزء لهزم تسلا ولتغيير نظرة العامة لإختراع تسلا. وكان الحادث الأكثر شهرة صعق الفيل توبسي .
هذا الفيديو يوضّح تلك العملية
ترجمة: كوين أوف بوكس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق