06‏/06‏/2015

هل تم بناء أحجار ستونهنج كمصح أو منتجع صحي ؟



بعد أربعة وأربعين عامًا لآخر البحوث الأثرية على أحجار الستونهنج الشهيرة ، تم تنظيم بحث خاص بدراسة الحفريات من قِبل العلماء البريطانيون لمدة أسبوعين ، على الرغم من أن الأمر سيستغرق سنوات لدراسة النتائج ، إلا أن هذا البحث سيحقق نتائج مثيرة . 
لا يكاد يوجد مكانٍ آخر في العالم أكثر غموضًا من ” المغليث ” البريطانية المعروفة و التي جذبت انتباه البشر من العصر الحجري . يذكر الاستاذ جيف ينرايت، مدير و عالم الآثار في التراث الإنجليزي، وتيم دارفيل ، أستاذ علم الآثار في جامعة بورنموث، أنهما على يقين من أنه لديهما الجواب لكشف احدى أسرار الحجارة العملاقة ، وأن السر يكمن في مصدرها. فَهُم يعتقدون انه إن كانت حجارة ستونهنج قد أُستخدم في التقويم الفلكي ، فذلك حدث في وقتٍ طويل بعد الغرض الأساسي من بناءها ، فستونهنج كانت في الأصل مصحة أو منتجع صحي ، ويقول العلماء أن الحلقة الداخلية للستونهنج ( والتي قد ضاعت ) تم تشكيلها من كُتل تسمى بالحجارة الزرقاء والتي كانت تحتوي على طاقة شفاء خارقة ” كما اعتقد الناس في العصر الحجري ” ، فكل كتلة كانت تزن مابين واحد إلى ثلاثة أطنان ، وكما اجتذبت المدينة الفرنسية الحديثة ” لورد ” ( وهي مكانٌ للشفاء في أوروبا والذي يستقطب المرضى من جميع المعمورة أملاً في علاج أمراضهم ) ، كانت ستونهنج تجتذب المرضى من أنحاء الجزيرة كلها قبل 4,500 سنة على الأقل ، فكان الجميع يأتي ليكشط بعض الغبار من الحجارة الزرقاء لعلاج أنفسهم بمساعدة هذا الغبار والذي كانوا يعتقدون باحتوائه على طاقة شفائية خارقة كما أسلفنا ، وقد كان هذا الإعتقاد سائدًا في أوائل القرن التاسع عشر في ويلز ويلتشير . 

وفي وقتٍ لاحق تمت تغطية الحجارة الزرقاء بحجارة ضخمة والتي لاتزال تحضى بإقناع البشر كما تفعل الأهرامات المصرية اليوم ، فالحجارة نفسها ذات أهمية كبيرة لكنها مجرد خلفية أو غطاء للدائرة الداخلية للحجارة الزرقاء . وقد وضعت هذه الفرضية قيد الاهتمام في عام 2006 م ، فقد أكدت الحفريات التي نُفّذت بعد 18 شهرًا من العمل التحضيري ، أن العلماء كانوا على حق في فرضيتهم تلك ، فقدمت الحملة التي كانت تحت رعاية هيئة الاذاعة البريطانية تقاريرًا بشكل يومي ومن موقع الحفر ذاته ، فقد قام العلماء بحفر حفرة صغيرة بقياس (2.5 × 3.5 × 1 متر ) ، فوجدوا في طريق حفرهم طبقة من قطع السيراميك الرومانية وأنابيب طينية تعود للقرن التاسع عشر ، كما وجدوا المطارق الحجرية ومكابس وتجاويف أُكتشفت في نهاية عملية الحفر حيث يثبت ذلك كما يقول العلماء انها استخدمت لغرض تثبيت الحجارة الزرقاء . كما أسفرت عملية الحفر عن اكتشاف عظام بشرية قديمة ، والتي تثبت أيضًا هذه النظرية الغريبة ، كانت معظم الهياكل العظمية تحتوى على علامات لإصابات حيوية داخلية ، كإنحناء في العمود الفقري والأطراف ،، وغيره . ويعتقد علماء الآثار أن تلك العظام كانت للحُجاج الذين جاءوا طلبًا للشفاء ، إلا أن سعيهم ذلك لم ينجح . 
لا أحد يعرف متى وأين اختفت الحجارة الزرقاء. فربما، تم سحبها الى مكان آخر أو دُمرت بشكل كلي ، منذ تغيير الغرض من النصب الأساسي لها. ومع ذلك، فإن ماهو من معروف هو من أين جاءت الحجارة . فقد تم سحبها بطريقة ما من محجر في جنوب غرب ويلز ونقلها على مسافة 250 كيلومترا. ويعتقد العالم وينرايت ودارفيل أنه تم جرها فقط على الأرض بدون استخدام أي وسيلة أخرى .
كانت الحجارة العملاقة بحجم الحافلات ذات الطابقين ، وكان من الصعب نقلها، إلا أن المسافة كانت قصيرة بحدود الـ 20 كيلومترا تقريبًا لذلك لا تعد ذلك مشكلةً أو عائقًا . ففي القرن الثاني عشر وصف الكاتب جيفري مونماوث هذه العملية في كتابه الرائع حياة ميرلين. ووفقا له، انتقلت الحجارة جوا من ايرلندا حيث تم تسليمها أفريقيا عن طريق السحر ! . الكتاب يعتبر نسخه رائعة ، ولكن يمكن القيام بنفس الأشياء دون السحر! . فقد قام طلاب من جامعة كامبريدج و التي أجريت مؤخرا تجربة تَقدّم خلالها من 20-30 من المتطوعين لدفع كتل حجرية على الحصى وقد نجحت تلك التجربة وهذا يؤكد رأي العالمين وينرايت ودارفيل .
يعتقد الباحثون اليوم أن ستونهنج تم إنشاؤها ضمن ثلاثة مراحل في الفترة من 3500-1100 قبل الميلاد. وعلى نحو ثلاثة كيلومترات منه، وجدوا أنقاض مستوطنة ضخمة، بإسم جدران دورينجتون ، والتي ضمت أكثر من 300 منزلاً. وقد تم اثبات وقت ظهورها في وقت واحد مع ستونهنج. ومن خلال مظهر هذه المنازل ، تبيّن انها قد أُستخدمت أصلا كثكنات مؤقتة للبناة، وتحولت لاحقا إلى مجمع فندقي للحج يقصده المرضى من كل مكان . و بعد توقف استخدام البشر لحجارة ستونهنج على أنها مصحة، أصبحت بعد ذلك مكانا يقصده الدرويدس (١) مرتين في السنة لتنفيذ طقوسهم الدينية.
الهوامش : 
١- الدرودس : هم مجموعة من الكهنة لديانة قديمة تعود بدايات ظهورها في بريطانيا وايرلاندا لسنة ٢٠٠ ق.م كما أن البعض ذكر وجودهم في تاريخ أقدم من ذلك حيث ذكر أن هناك دلائل على وجودهم تعود لسنة ٥٠ ق.م ( الأقوال متضاربة إلا أن هذه هي أقدم تواريخ ضمها التاريخ ) حيث كانوا يعبدون الطبيعة فنجدهم يقدسون الشمس،القمر،النجوم . وهم ليسوا بناة حجارة الستونهنج إلا انهم استخدموها في ممارسة طقوسهم الدينية ، ومن ممارساتهم تقديم الأضاحي للآلهة المزعومة فقد كانوا يقومون بدفن الأطفال حديثي الولادة في الارض تقرُّبًا للآلهة . 
ترجمة واعداد : كوين أوف بوكس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق